للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل عليه: {وَمَنْ يَعْشُ} {نُقَيِّضْ}. {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ}: ما تقدّم من أعمالهم وما هم عازمون عليها. أو {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} من أمر الدنيا واتباع الشهوات، {وَمَا خَلْفَهُمْ}: من أمر العاقبة، وأن لا بعث ولا حساب. {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} يعني: كلمة العذاب، {فِي أُمَمٍ}: في جملة أمم. ومثل "في" هذه ما في قوله:

إن تك عن أحسن الصّنيعة مأ .... فوكًا ففي آخرين قد أفكوا

يريد: فأنت في جملة آخرين، وأنت في عداد آخرين، لست في ذلك بأوحد. فإن قلت: {فِي أُمَمٍ} ما محله؟ قلت: محله النصب على الحال من الضمير في {عَلَيْهِمْ} أي: حق عليهم القول كائنين في جملة أمم. {إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ}: تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لهم وللأمم.

[{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ * فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ * ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} ٢٦ - ٢٨]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({وَمَنْ يَعْشُ} {نُقَيِّضْ})، أي: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦]، فأوقع {نُقَيِّضْ} -وهو فعل الله- جزاءً للشرط ومسببًا عن فعل العبد خلقًا، وعند أهل السنة: من فعله كسبًا.

وقلت: ويؤيد قول صاحب الانتصاف" قوله تعالى: {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ} أي: حق عليهم قولنا: {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣].

قوله: (مأفوكًا)، أي: مصروفًا، والإفك: الصرف، وأفكته: صرفته بالكذب والباطل، والأفاك: الذي يصد الناس عن الحق بالكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>