للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في زيه، وهي قبل ذلك كالذليل الكاسف البال في الأطمار الرثة. وقرئ: (وربأت) أي: ارتفعت؛ لأن النبت إذا همّ أن يظهر ارتفعت له الأرض.

[{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَاتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ٤٠]

يقال: ألحد الحافر ولحد؛ إذا مال عن الاستقامة، فحفر في شق، فاستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة. وقرئ: {يُلْحِدُونَ} و (يَلحَدون)، على اللغتين. وقوله: {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا} وعيد لهم على التحريف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الكاسف البال)، الجوهري: رجل كاسف البال، سيء الحال. والطمر، الثوب الخلق، والجمع: الأطمار. يريد أن الكلام فيه استعارة تمثيلية، شبه حال جدوبة الأرض وإعدام الخير فيها؛ ثم غحياء الله بالماء النازل من السماء، وانقلابها من الجدوبة إلى الخصب، وإنبات كل زوج بهيج بعد القحل، بحال شخص كئيب كاسف البال رث الهيئة لا يؤبه له، ثم إذا أصابه شيء من متاع الدنيا وزينتها؛ تكلف بأنواع الزين والزخارف، فيختال في مشيه زهوًا، فيهتز بالأعطاف خيلاء وكبرًا، ثم بولغ في التشبيه فحذف المشبه واستعمل الخشوع. والاهتزاز دلالة على مكانه.

قوله: (وقرئ "ورأت") قال الزجاج: ويقرأ "ربأت" بالهمز، فمعنى: ربت: عظمت. وربأت: ارتفعت. قال ابن جني: قرأ أبو جعفر "وربأت"، ومعناها راجعة إلى معنى قراءة الجماعة، وذلك ان الأرض إذا ربت ارتفعت، ومنه الربيئة، وهي الطليعة؛ لشخوصه على الموضع المرتفع.

قوله: (وقرئ: {يُلْحِدُونَ} و (يَلحَدون)) الثانية: حمزة، والباقون: الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>