والذكورة والأنوثة، والحسن والقبح وغير ذلك. {أَيْنَ شُرَكائِي} أضافهم إليه تعالى على زعمهم، وبيانه في قوله:{أَيْنَ شُرَكائِيَ} الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ، وفيه تهكم وتقريع. {آذَنَّاكَ}: أعلمناك {ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} أي: ما منا أحد اليوم وقد أبصرنا وسمعنا يشهد بأنهم شركاؤك، أي: ما منا إلا من هو موحد لك: أو: ما منا من أحد يشاهدهم؛ لأنهم ضلوا عنهم، وضلت عنهم آلهتهم، لا يبصرونها في ساعة التوبيخ. وقيل: هو كلام الشركاء، أي: ما منا من شهيد يشهد بما أضافوا إلينا من الشركة. ومعنى ضلالهم عنهم على هذا التفسير: أنهم لا ينفعونهم، فكأنهم ضلوا عنهم. {وَظَنُّوا} وأيقنوا. والمحيص: المهرب. فإن قلت:
{آذَنَّاكَ} إخبار بإيذان كان منهم، فإذ قد آذنوا فلم سئلوا؟ قلت: يجوز أن يعاد عليهم: {أَيْنَ شُرَكائِي}؟ إعادة للتوبيخ، وإعادته في القرآن على سبيل الحكاية: دليل على إعادة المحكي. ويجوز أن يكون المعنى: أنك علمت من قلوبنا وعقائدنا الآن أنا لا نشهد تلك الشهادة
قوله:(ومعنى ضلالهم [عنهم] على هذا التفسير) يعني: إذا كان قوله: {آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} من كلام العبد، يكون معنى {وَضَلَّ عَنْهًمْ} غابن وإذا كان من كلام المعدوم فضلالهم بمعنى عدم نفعهم، لا بمعنى غيبتهم× لأنهم حينئذ المجيبون والمسؤول عنهم العبدة، والجملة على الوجهين حال، و"قد" معه مقدرة، ويجوز أن يكون عطفًا على {قَالُوا}.
قوله:({آذَنَّاكَ} إخبار بإيذان كان منهم) يعني: هذا يقتضي أنه تعالى قد سأل عنهم بمثل هذا السؤال قبل ذلك، وانهم أجابوه بمثل هذا الجواب ثم أعاده، فما فائدة الإعادة؟ وأجاب بوجوه: أحدها أنه من عادة الموبخ أن يعيد كلمة التوبيخ تشديدًا على الجاني وتقبيحًا لجنايته، وثانيها: أن قولهم ليس أنه قد سبق منهم الإيذان بمثله، لكن هو إيذان بلسان الحال من مضمرات البال، وثالثها: أنه توطئة لفخبار وتمهيد لقوله: {ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}، كقول القائل: أعلم الملك، ثم قوله: إنه قد كان من الأمر كيت وكيت.