للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباطلة؛ لأنه إذا علمه من نفوسهم فكأنهم أعلموه. ويجوز أن يكون إنشاءً للإيذان، ولا يكون إخبارًا بإيذان قد كان، كما تقول: أعلم الملك أنه كان من الأمر كيت وكيت.

[{لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ} ٤٩ - ٥٠}

{مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ}: من طلب السعة في المال والنعمة. وقرأ ابن مسعود: (من دعاء بالخير). {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ} أي: الضيقة والفقر. {فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ} بولغ فيه من طريقين: من طريق بناء "فعول"، ومن طريق التكرير. والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، أي: يقطع الرجاء من فضل الله وروحه، وهذه صفة الكافر، بدليل قوله تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ} [يوسف: ٨٧]. وإذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض، أو سعة بعد ضيق قال: {هَذَا لِي} أي: هذا حقي وصل إلي، لأني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال برّ. أو: هذا لي لا يزول عني، ونحوه قوله تعالى: {فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ} [العراف: ١٣١]، ونحوه قوله: {وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً}، {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: ٣٢] يريد: وما أظنها تكون، فإن كانت على طريق التوهم {إِنَّ لِي} عند الله الحالة الحسنى من للكرامة والنعمة، قائسًا أمر الاخرة على أمر الدنيا. وعن بعضهم: للكافر أمنيتان، يقول في الدنيا: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}، ويقول في الآخرة: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: ٤]. وقيل:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بولغ فيه من طريقين: من طريق بناء "فعول"، ومن طريق التكرير) قال الإمام: اليأس من صفة القلب، والقنوط آثاره في الأحوال الظاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>