نزلت في الوليد بن المغيرة. فلنخبرنهم بحقيقة ما عملوا من الأعمال الموجبة للعذاب؛ ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها أنهم يستوجبون عليها كرامة وقربة عند الله، {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُورًا}[الفرقان: ٢٣]؛ وذلك أنهم كانوا ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلبًا للافتخار والاستكبار لا غير، وكانوا يحسبون أنّ ما هم عليه سبب الغنى والصحة، وأنهم محقوقون بذلك.
هذا أيضًا ضرب آخر من طغيان الإنسان إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة، وكأنه لم يلق بؤسًا قط فنسي المنعم وأعرض عن شكره، {وَنَأى بِجانِبِهِ} أي: ذهب بنفسه وتكبر وتعظم. وإن مسه الضرّ والفقر: أقبل على دوام الدعاء، وأخذ في
قوله:(نزلت في الوليد بن المغيرة) فهو بمعنى قوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}[مريم: ٧٧] عن الحسن: نزلت في الوليد بن المغيرة، وقال المصنف: والمشهور أنها في العاص بن وائل؛ وقصته مع خباب مذكورة في سورة "مريم".
قوله:(وأنهم محقوقون) حق هذا الأمر، وهو محقوق به، أي: تيقن بخلافته، من الخليق، يعني أنهم احقاء بذلك.
قوله:(هذا أيضًا ضرب آخر من طغيان الإنسان)، والضرب الأول بيان لشدة حرصه، وأنه إن أعطي لم يشبع، وإن منع لم يقنع. والثاني لبيان طيشه؛ فلا يثبت على السراء، بل طار من منزلته وتكبر وطغى، ولا يصبر على الضراء، بل خضع واستكان في ذل.