{أَرَأَيْتُمْ}: أخبروني {إِنْ كانَ} القرآن {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} يعني: أن ما أنتم عليه من إنكار القرآن وتكذيبه ليس بأمر صادر عن حجة قاطعة حصلتم منها على
قوله:(ويكون عبارة عن الانحراف) هذا هو الجواب الثاني عن السؤال، وكلا الجوابين لا يتجاوزان عن الكناية، لكن الأول من باب التعريض بالتعظيم، فإنهم يعبرون عن المجلس والمقام والمكان عن ذات من يقصدون تعظيمه، ويحتشمون عن التصريح بالاسم، قال زهير:
فعرض إذا ما جئت بالبان والحمى .... وإياك أن تنسى فتذكر زينبا
سيكفيك من ذاك المسمى إشارة .... فدعه مصونًا بالجلال محجبا
وها هنا وارد على التهكم. والثاني من باب الرمز، كما عبروا عن عدم الالتفات بالتولي والنبذ وراء الظهور، ومرجعه أيضًا إلى التكبر والخيلاء؛ لن المتكبر لا يخلو من تلك الحركات.
قوله:(يعني: أن ما أنتم عليه من إنكار القرآن) إلى آخره، في كلامه قيود مستفادة من التركيب التنزيلي، فإن قوله تعالى:{إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} وارد على العرض والتقدير، ويوجب أن يكون مسبوقًا بمقدمات تنتهي إليه، وهو أن يقال: إن ما أنتم عليه من إنكار القرىن ليس بصادر عن حجة قاطعة عندكم، وإنما هو أمر محتمل؛ لأنكم ما اتبعتم الدليل، فيجوز أن يكون من عند الله وألا يكون من عنده؛ والعاقل إذا تورط في مثل هذه الورطة يتوقف حتى يحصل على اليقين؛ ثم يشرع في قطع الحكم، فأنتم قطعتم في التكذيب والإنكار قبل الفحص والنظر، أخبروني إن كان صادقًا ومن عند الله؛ فمن أضل منكم؟ وقوله:{مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ} وارد على العموم وعدم التصريح والمكافحة، وهو يقتضي أن يقال: ولعله حق فأهلكتم أنفسكم، ومن اظلم منكم؟ فوضع موضع الضمير {مِمَّنْ هُوَ