للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليقين وثلج الصدور، وإنما هو قبل النظر واتباع الدليل أمر محتمل، يجوز أن يكون من عند الله وأن لا يكون من عنده، وأنتم لم تنظروا ولم تفحصوا، فما أنكرتم أن يكون حقًا وقد كفرتم به، فأخبرونى من أضلّ منكم وأنتم أبعدتم الشوط في مشاقته ومناصبته، ولعله حق فأهلكتم أنفسكم؟ وقوله: {مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} موضوع موضع: منكم، بيانًا لحالهم وصفتهم.

[{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} ٥٣ - ٥٤]

{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} يعنى ما يسر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وللخلفاء من بعده ونصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عمومًا وفي باحة العرب خصوصًا- من: الفتوح التي لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} وهو معنى قوله: {ثم كفرتم به} لما فيه معنى البعد البعيد، والكلام وارد على إرخاء العنان والكلام المنصف.

قوله: (أبعدتم الشوط)، الجوهري: عدا شوطًا، أي: طلقًا. الأساس: فلان شوطه شوط باطل.

قوله: (في مشاقته) أي: بالغتم في مخاصمته، قال: المشاقة؛ مشتقة من الشق؛ لأن كلَا من المتعاديين في شق خلاف صاحبه.

قوله: (وفي باحة العرب)، الأساس: نشأ فلان في ساحتك وباحتك وهي العرصة، هذا تفسير لقوله: {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} وهذا أيضًا وارد على خلاف مقتضى الظاهر، على عكس ما سبق آنفًا في قوله: {وَنَأى بِجانِبِهِ} أي: بنفسه، وقول الشاعر: "مقام الذئب" جعلت أنفسهم بإدخال "في" كالعرصة والمكان المفتوح، إعلامًا بان تلك الفتوح أثرت في أنفسهم أثرًا بليغًا كانها هي مكانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>