للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه الصراط المستقيم الذي لا يحيد عنه إلا ضال شقي، وزد كل يوم صلابة في المحاماة على دين الله، ولا يخرجك الضجر بأمرهم إلى شيء من اللين والرخاوة في أمرك، ولكن كما يفعل الثابت الذي لا ينشطه تعجيل ظفر، ولا يثبطه تأخيره.

[{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ * وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} ٤٤ - ٤٥]

{وَإِنَّهُ} وإنّ الذي أوحى إليك {لَذِكْرٌ} لشرف، {لَكَ وَلِقَوْمِكَ}، {وَ} لـ {سَوْفَ تُسْئَلُونَ} عنه يوم القيامة، وعن قيامكم بحقه، وعن تعظيمكم له، وشكركم على أن رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا يحيد عنه): الجوهري: "حاد عن الشيء يحيد حيودًا وحيدة وحيدودة: مال عنه".

قوله: (وزد كل يوم صلابة في المحاماة) قيل: الزيادة مستفادة من "السين" في "استمسك"، قلت: بل هي مستفادة من الأمر بالاستمساك بالوحي لمن هو مستمسك به، ويعضده تعليله بقوله: {إنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، فهو كقوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢]، قال المصنف: هو كقولك للعزيز المكرم: أعزك الله وأكرمك، تريد طلب الزيادة إلى ما هو ثابت فيه، كقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] ".

قوله: (ولكن كما يفعل الثابت): عطف على قوله: "يخرجك" من حيث المعنى، أي: كن متمسكًا بما أوحينا إليك، ولا تفعل كما يفعل الضال الشقي، فإنه يميل عن الحق، ولا يثبت عليه، فإن عادة المتزلزل أن لا يصبر على شيء، ينشطه تعجيل ظفر، ويثبطه تأخيره، ولكن افعل كما يفعل الثابت الذي لا ينشطه تعجيل ظفر، ولا يثبطه تأخيره، وكل هذه المعاني مستنبطة من ارتباط {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إلَيْكَ} بقوله: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}، وذلك لأنه تعالى لما نبهه -صلوات الله عليه- أن جده واجتهاده في دعاء قومه غير نافع، وأنهم صم عمي في ضلال مبين، لا يرجعون ولا يرعون، وبين أنه لابد من الهلاك وقطع دابرهم، فقسم الأمر بين أن

?

<<  <  ج: ص:  >  >>