للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس المراد بسؤال الرسل: حقيقة السؤال؛ لإحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم، والفحص عن مللهم، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء؟ وكفاه نظرًا وفحصًا: نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانًا، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها.

والسؤال الواقع مجازًا عن النظر، حيث لا يصح السؤال على الحقيقة: كثير، منه مساءلة الشعراء الديار والرسوم والأطلال، وقول من قال: سل الأرض: من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك؟ فإنها إن لم تجبك حوارًا أجابتك اعتبارًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ينصره عليهم في الدنيا ويشفي صدور المؤمنين، وبين أن ينتقم منهم في الآخرة أشد الانتقام، أرشده إلى المتاركة والمواعدة والاشتغال بما يهمه من التمسك بالعروة الوثقى، وهو هذا القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعلل ذلك بقوله: {إنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

ويعضد معنى المتاركة والتسلية: قوله: {واسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا}، والشروع في قصة موسى عليه السلام، فتأمل وتعجب من إدراكه اللمحات التنزيلية التي لطف شأنها، وخفي مكانها، واشكر سعينا في استنباطها من مظانها، بطلب الزلفى عند الله الكريم.

قوله: (وهذه الآية في نفسها كافية): ترقى في تأويل السؤال بالنظر والفحص، يعني: أمر صلوات الله عليه بقوله: {واسْأَلْ} بأن يتفكر في أديان الأمم السالفة، دينًا بعد دين، وأمة بعد أمة، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة، ثم ترقى منه غلى النظر في هذا الكتاب الكريم، فإنه كاف في التفحص، ثم ترقى منه إلى التفكر في هذه الآية الفاذة الكافية في المقصود.

قوله: (كثير): خبر، و"السؤال الواقع" مبتدأ، و"منه" خبر أيضًا، و"مساءلة الشعراء" مبتدأ.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>