وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس فأمّهم، وقيل له: سلهم، فلم يشكك ولم يسأل. وقيل: معناه سل أمم من أرسلنا، وهم أهل الكتابين؛ التوراة والإنجيل. وعن الفراء: هم إنما يخبرونه عن كتب الرسل، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء.
ما أجابوه به عند قوله:{إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ} محذوف، دل عليه قوله:{فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا} وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية، {إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ} أي: يسخرون منها ويهزءون بها ويسمونها سحرًا، و"إذا" للمفاجأة.
فإن قلت: كيف جاز أن يجاب "لما" بـ"إذا" المفاجأة؟ قلت: لأنّ فعل المفاجأة معها مقدّر، وهو عامل النصب في محلها، كأنه قيل: فلما جاءهم بآياتنا فاجئوا وقت ضحكهم.
قوله:(فلم يشكك ولم تسأل): أي: ظاهر الأمر الوجوب، فإما أن يحمل السؤال على النظر مجازًا، والكلام مبني على الشرط، كأنه قيل: أن شككت فاسأل، كقوله تعالى:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ}[يونس: ٩٤]، فلم يشكك ولم يسأل.
قوله:(وقيل: معناه: سل أمم من أرسلنا): وهم أهل الكتابين. الانتصاف:"يشهد له قوله: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}[يونس: ٩٤] ".