والمنة: النعمة التي لا يستثيب مسديها. من يزلها إليه، واشتقاقها من "المنّ" الذي هو القطع، لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة، ثم يقال: منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعامًا.
قوله:(من يزلها إليه): النهاية: "في الحديث: "من أزلت إليه نعمة فليشكرها"، أي: أسديت إليه وأعطيها، وأصلها من الزليل، وهو انتقال الجسم من مكان إلى مكان، فاستعير لانتقال النعمة من المنعم إلى المنعم عليه، يقال: زلت منه نعمة، وأزلها إليه".
قوله:(واشتقاقها من المن): الراغب: "المن: ما يوزن به، والمنة: النعمة الثقيلة، وذلك على وجهين:
أحدهما: بالفعل، فيقال: من عليه؛ إذا أثقله بالنعمة، قال تعالى:{يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[إبراهيم: ١١]، وذلك في الحقيقة لا يكون إلا الله تعالى. والثاني: بالقول: وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، قيل: وإذا كفرت النعمة حسنت المنة.
وقوله تعالى:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ}: فالمنة منهم بالقول، ومنه الله عليهم بالفعل، وهو هدايته إياهم كما ذكر. وقوله تعالى:{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: قيل: غير معدود، كما قال:{بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠]، وقيل: غير مقطوع ولا منقوص.
ومنه: المنون؛ للمنية، لأنها تنقص العدد، وتقطع المدد، وقيل: المنة بالقول من