بعده:{واللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} في أنك لرسول الله، يوهم أن قولهم هذا كذب، فوسط بقوله:{واللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ} صيانةً لهذا الوهم. هذا نوع من التتميم لطيف المسلك، قال أبو الطيب:
وتحتقر الدنيا احتقار مجرب .... يرى كل ما فيها- وحاشاك- فانيا
"وحاشاك" تتميم، ومنه أخذ صاحب "المفتاح" حيث قال: {واللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ} فصل في البين، ولو لم يكن لأوهم رد التكذيب إلى نفس الشهادة.
الانتصاف: مضى تنظيره بقوله عز وجل: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا}[الحجرات: ١٤] ولم يقل: لا تقولوا آمنا.
وقلت: ليس منه، لأن ذلك من الألفاظ التي تبدل بما هو أولى بالذكر منه، قال تأبط شرًا:
يظل بموماة ويمشي بغيرها .... جحيشًا ويعروري ظهور المهالك
فإن جحيشًا: نافر، وكان له مندوحة عنه بقوله: فريدًا، وما نحن بصدده من الإطناب الذي يكتسي به الكلام حسنًا وبهجةً ويستزيد به السامع هزةً ونشاطًا، كما قال الآخر: