للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما فيه من المنافع والفوائد التي لا يحيط بها الوصف. {ومَا يَسْطُرُونَ} وما يكتب من كتب، وقيل: ما يسطره الحفظة، و"ما" موصولة أو مصدرية، ويجوز أن يراد بالقلم أصحابه، فيكون الضمير في

{يَسْطُرُونَ} لهم، كأنه قيل: وأصحاب القلم ومسطوراتهم، أو سطرهم، ويراد بهم كل من يسطر، أو الحفظة.

[{مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وإنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} ٢ - ٣].

فإن قلت: بم يتعلق الباء في {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} وما محله؟

قلت: يتعلق بـ "مجنون" منفيا، كما يتعلق بعاقل مثبتا في قولك: أنت بنعمة الله عاقل، مستويا في ذلك الإثبات والنفي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحدهما: أن المقسم به هو هذا الجنس، وهو واقع عل كل قلم يكتب في السماء والأرض، قال تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٤ - ٥]، فمن بتيسير الكتابة بالقلم، كما من بالنطق فقال: {خَلَقَ الإنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ} [الرحمن: ٣ - ٤]. ووجه الانتفاع به أنه ينزل الغائب منزلة المخاطب، فيتمكن المرء من تعريف البعيد به ما يتمكن باللسان من تعريف القريب. والثاني: هو القلم المعهود الذي جاء في الخبر: "أول ما خلق الله القلم"".

وقلت: ويؤيد الأول قوله: {وَمَا يَسْطُرُونَ}، قال الراغب: "أصل القلم: القص من الشيء الصلب، كالظفر وكعب الرمح والقصب، ويقال للمقلوم: قلم، يقال للمنقوض: نقض.

<<  <  ج: ص:  >  >>