بذكره فيها.
وهو شاب من أبناء الاتراك باربل وقدماء أجنادهم. وكان جنديًا ثم صار بعد ذلك صوفيًا. وهو ذو مفاكهة ومحاضرة، جيد القريحة في الشعر. وله أشياء حسنة /٢٤٠ ب/ في الغزل والهجاء، ومعان يجيد استنباطها بلا رأس مال في النحو، ولا قرأ منه شيئًا إلاَّ تأتيه طبعًا.
لقيته باربل سنة خمس وعشرين وستمائة؛ وتأكدت بيننا صحبة. وخبرت أنه قتل يوم الخميس ثالث شوال باربل سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
انشدني لنفسه: [من الطويل]
بدا فأرانا الظّبي والغصن والبدرا ... فتبًا لقلب لا يبيت به مغرى
نبيُّ جمال كلُّ ما فيه معجزٌ ... من الحسن لكن وجهه الآية الكبرى
أقام بلال الخال من فوق خدِّه ... يراقب من لالاء غرَّته الفجرا
سرى طيفه ليلاً إليَّ مجدِّداً ... عهود الهوى يا حبَّذا ليلة الإسرا
ترفَّع عن حدِّ الملاحة رتبة ... فأجملت فعلاً ................
أعاذل هل أبصرت من قبل خدِّه ... وسالفه نارًا حوت جنَّة خضرا
من الترك لم يترك لقلبي تجلُّدا ... فتورٌ بعينيه المراض ولا صبرا
أعلط أخواني إذا ذكروا له ... حديثًا كأني لا أحبُّ له ذكرا
وأصغي إذا جاءوا بغير حديثه ... بسمعي ولكِّي أذوب به فكرا
سقاني بعينه المدام وكأسه ... فلم أدر أيُّ الرَّاح أعقبني سكرا
/٢٤١ أ/ أرى العدل معروفًا بكسرى فكم ترى ... ظلمت بأجفان شهدت بها كسرا
كأنَّا تعادينا السَّقام لحاجةٍ فأمرضني جسمًا وانحلته خضرا
وأنشدني لنفسه: [من البسيط]
ياواحد الحسن إرحم واحد الكمد ... حاشاك من حرق يصلى بها كبدي
في كل جارحة منِّي لسان هوى ... يشكو إليك رسيس الوجد والكمد
واطول سقمي وفي فيك الشِّفاء ويا ... ظلمي وأنت أمير الحسن في البلد
إن كان تعذيب قلبي فيك أو تلفي ... ممَّا يسؤُّك ياكلَّ المنى فزد