صباه، واعتنى بصناعة النثر، وتعاطي الكلام المسجوع والقرائن، وكان يتبع الكلمة بما وازنها ويلحقها بأختها، تشبهاً بطريقة وطواط الكاتب، فيما ينشئه، غير أنَّه يبين فيه تكلّف وركاكة، للزومه الأسلوب الذي يتوخّاه.
وله شعر بارد، وكان ذا هوسٍ شديد في الطِّلَّسمات والنجوم، ونزل الموصل، وسكنها مدة طويلة، وانضاف إلى خدمة المولى المالك، الملك الرحيم بدر الدين أبي الفضائل –ضاعف الله جلاله- وصار أحد ندمائه، وأجرى عليه رزقاً.
ثم سافر إلى بلاد الشام، وعاود الموصل، فمكث بها أشهراً، وتوفي في ربيع الأول سنة ثماني وعشرين وستمائة.
أنشدني لنفسه، يمدح المولى المالك، الملك الرحيم، بدر الدنيا والدين، عضد الإسلام والمسلمين، نصير أمير المؤمنين- أعز الله أنصاره-: [من الطويل]
نسيم الصَّبا عج بالخيام رسولا ... تجد عندها برد الحياة رسولا
/٢١ أ/ وحيِّ مليك الأرض تحظ بقربه ... تنل غرراً من جوده وحجولا
تأنَّ إذا بادرت نحو جنابه ... وعرِّج برفق لا يراك عجولا
فإنَّك إن لم تعتضد بجلاله ... أفادك شوب الحادثات ذبولا
وجانب ملك الأرض عند لقائه ... فأخلاقه للمكرمات هيولى
تر العدل والإحسان والعزَّ والعلا ... جائبه في سيره وخيولا
مليكٌ إذا ما جئت تطلب رفده ... أفاض من النُّعمى عليك سيولا
من النَّفر البيض الَّذين برأيهم ... يجرُّون فوق الكائنات ذويلا
هو البدر والعلياء تحوي منازلاً ... وجثته فيها تحلُّ حلولا
أرى الدهر لمَّا أن ارانا بعاده ... أحلَّ بنا ريب الزَّمان غلولا
فصرنا فروعاً لا بقاء لذاتنا ... لقضبان بان قد فقدن أصولا
الا بح بأشواقي وكرِّر مدائحي ... وبلِّغ دعائي دائماً ونصولا
فلو سامح الدَّهر الخؤون بنظرة ... وصلت إلى ذاك الجناب وصولا
وهنَّيت مولى العالمين مبشَّراً ... بفتحٍ جديدٍ أو لكنت أصولا
وأنشدني أيضاً لنفسه: [من السريع]