للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أصعد من بغداد في سنة خمس وستمائة، /١٩٣ ب/ وأقام بالموصل مديدةً يسرة، ثم توجَّه إلى بلده فولي القضاء والتدريس بها. فكان يقضي ويدّرس ويفتي وبقي على ذلك مدَّة. ثم صرف عن القضاء بسبب تغير وزير كان بديار بكر؛ ثم أعيد عن قريب.

وكان قد فقهت نفسه، ورقَّ طبعه، ينظم الشعر الرقيق. وكان اجتماعي بالقاضي أبي زكريا بحلب في شهر ربع الآخر سنة أربع وأربعين وستمائة بالمدرسة النوريّة المعروفة بالنفَّرية.

وأنشدني لنفسه: [من الكامل]

من لي بطيفك أن يكون مسامري ... يا غائباً لم يخل منه خاطري

لهفي على ذاك الزَّمان وطيبة ... أيَّام كنت مصاحبي ومعاشري

تالله لو يرجى له من عودة ... أو يفتدى لفديته بالنَّاظر

هل أنت يا أملي على طول المدى ... أنسيتني أم هل فديتك ذاكري

أقسمت بالبيت العتيق ومن دعا ... بفنائه من محرم ومجاور

إن عاد شملي جامعاً بأحبَّتي ... من بعد طول قطيعة وتهاجر

/١٩٤ أ/ قضيت عمري للأحبَّة شاكراً ... وغفرت زلاَّت الزَّمان الغادر

أنشدني أيضا لنفسه إملاءً: [من الكامل].

إن كان صدُّك عن قلًى وملال ... أو كان عن تيه وفرط دلال

فلقد علمت بأنَّني راض بما ... ترضاه لي يا منتهى أمالي

قسماً بوجهك إنَّه لي كعبة ... حجِّي لها متتابع متوالي

لولاك لم أخضع لواش كاشحٍ ... كلاَّ ولا أغضبت فيك رجالي

لكن حبَّك قد تملَّك مهجتي ... كرهاً فلا الوي إلى عذَّالي

يا قامة الغصن الرَّطيب وفرحة الصّ ... ـبِّ الكئيب أما مللت مطالي

هب أننَّي راض بصدِّك والقلي ... لم لا تجود تكرُّماً بوصالي

مولاي أنت جعلتني غرضاً لما ... أرمى الغداة به من الأقوال

وتركتني بين الرَّجال يسومني ... من كنت لا أرضى لحمل نعالي

<<  <  ج: ص:  >  >>