للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره صاحب "الدرة الفائقة في محاسن الأفارقة"، وأثنى عليه جميلاً، وقال عقيب ترجمة أبيه الشيخ أبي محمد: ومنهم ولده الطاهر النجيب الزكي الأريب السلطان الأعظم /٤ أ/ الملك المؤيد المعان المنصور المظفر، لم يرث المجد عن كلالة، ولا كأن الملك خلق إلَّا له. هيبة تنسف الجبال نسفاً. ورحمة تسع أهل الأرض حنانًا وعطفًا، وشجاعة ينثني بها الدهر عن عزائمه، وصرامة بطلت ملك الموت السلامة من صوارمه. مع ذكاء كالنار، وخلق ألين من الماء الحار، وأدب أغض من الرياض، ونظم ونثر أسحر من الحدق المراض.

أما أفريقية وقد نجم فيها النفاق، وقامت الفتنة على ساق، وخلت من الأموال والرجال، وريع فيها في الخدور ربات الحجال. فآمن من سربها وأزال خوفها وجدبها، وأعاد فيها وضرب بعربها بربرها وببربرها عربها؛ حتى فرح بعضهم ببعض وجعل الذئاب والنَّقد ترد في حوض، وجند الأجناد ورتب بين الملك، وبسط على تخوم المشرق يده اليمنى وعلى تخوم المغرب يده الشمال، فأمن السُّبل خمن باب تونس إلى ثغر الإسكندرية غاية الأمان، وقطع دابر المفسدين عرضًا من تونس إلى أبواب تلمسان؛ فدانت له البربر /٤ ب/ والعرب؛ وهما المتمرّدان على الملوك في القديم والحديث من الزمان وصارت الأندلس تستصرخه والمغرب الأقصى يطلب منه الأمان.

ثم أنشدني من خمريّاته: [من الخفيف]

وضعت في الزُّجاج فالتهبت ... وكسته برقًا من اللَّهب

وعلا فوقها الحباب فلم ... تبصر العين مثل ذا العجب

ضرم النَّار فوقه بردٌ ... كائنٌ عنه منه في النَّسب

مثل درِّ الجمان نظَّمه ... ناظمٌ فوق عسجد الذَّهب

<<  <  ج: ص:  >  >>