كانت ولادته في يوم الإثنين ثامن رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بمدينة أسويط من مدن الصعيد الأعلى بالديار المصرية، وتوفي بمصر في مستهل شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة.
وكان أوَّلًا يتولى الكتابة بديوان قرص، ثم هاجر إلى مصر وتولى بها عملًا جليلًا للملك الكامل أبي المعالي محمد بن أبي بكر بن أيوب المستولي يومئذ على الديار المصرية في ديوان الأحباس؛ ولما مات الملك الكامل قربة الملك الصالح أبو الفتح أيوب، وأشخصه من بين نظرائه ورتبه عارض الجيش، ورفع منزلته وازداد /٥ ب/ تقدمه حتى كاد أن يكون أجل رتبه من وزرائه.
لقيته بحلب وقرأت عليه قطعة وافرة من أشعاره؛ ومما أنشدني في جمادي الأولى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، يمدح الملك الأشرف شاه أرمن بن موسى بن أبي بكر بن أيوب- رحمه الله تعالى- من قصيدة طويلة: [من الكامل]
وافى وأقبل في الغلالة ينثني ... فأراك حظَّ المجتلى والمجتني
ورنا فما تغني التَّمائم والرُّقي ... وأبيك من لحظات تلك الأعين
أغناه ذابل قدِّه عن ذابلٍ ... وبشعره عن بيت شعر قد غني
رشاٌ من الأعراب مسكنه الفلًا ... ولكم له في مهجة من مسكن
كم قلت للعذَّال فيه ألا اقصروا ... لا أرعوي لا انتهًي لا انثني
يا هاجري البستني ثوب الضَّنى ... واخذتني يا تاركي من مأمني
حتَّى فؤادي خانني ووافى له ... وكذا الرُّقاد صبا إليه وملَّني
يا قلب ما آنست بعداك راحًة ... فمتى أراك ويا كرى أوحشتني
عهدي به ويدي مكان وشاحه ... والوجد باق والتَّجلُّد قد فني
/٦ أ/ وشدا بشعري فافتتنت ويالها ... من فتنة شنعاء لو لم أفتن
شعري ومحبوبي يغنِّيني به ... وهناك تحًسن صبوة المتِّدين
لا شيء يطب سامعاً بحديثه ... إلاَّ الثَّناء على علا شاه أرمن