أنشدني لنفسه يمدح الصاحب الوزير شرف الدين أبا البركات المستوفي الإربلي -رضي الله عنه-: [من الطويل]
فؤادٌ إلى وصل الحسان طروب ... وقلبٌ لريب الحادثات كئيب
وعارض دمع لم يزل فيض مائه ... دفوقًا على أرض الخدود سكوب
يؤرقه شوقٌ إلى من قوامه ... قضيبٌ وأمَّا ردفه فكثيب
من الغيد أمَّا وصله فممنَّعٌ ... بعيدٌ وأمَّا هجره فقريب
وليس عجيبًا أن يشحَّ بوصله ... ولكن متى يسمح به فعجيب
يواصل من بالذَّمِّ يخلق عرضه ... ويهجر من لم تبد منه ذنوب
متى رمت منه أن يجود بقبلة ... ترفَّع تيهًا أو علاه قطوب
فلا غرو وأن أضحى يعاني بك الأسى ... وجارت عليه في هواك خطوب
/٢٨٩ أ/ فأيُّ فتى لم ينحل البين جسمه ... وأيُّ غرامٍ لم يهجه حبيب
له بهجةٌ يغني عن الشَّمس ضوؤها ... ووجهٌ ينوب البدر حين يغيب
وعنج لحاظ راميات بأسهم ... سوى كبد المشتاق ليس تصيب
فليس لما يلقاه من ألم الهوى ... سوى وصل من يجني عليه طبيب
ولا لأبن موهوب المبارك في الورى ... سوى مجتديه صاحبٌ ونسيب
فتى شأنه إمَّا يرى فهو آخذٌ ... نفوس العدا أو للعفاة وهوب
أيا شرف الدِّين الَّذي قام في الورى ... على كلِّ عود من ثناه خطيب
ترى أيُّ ملهوف دعاك ولم تثب ... لدعواه من دون الأنام تجيب
ولمَّا رأيت المجد صعبًا وصوله ... وفي نيله مسُّ الأنام لغوب
ركبت إليه حسن [رأيك] سابقًا ... وهل يصطفي إلاَّ النَّجيب نجيب
يرى كلَّ يومٍ في ديار عفاته ... سرورًا وفي مغنى عداه نجيب
جوادٌ من الفحشاء واللُّؤم عاريًا ... ومن عفَّة ثوبٌ عليه قشب
تراه عن الدُّنيا الذَّميمة راغبًا ... ولكن إلى كسب الثَّناء رغوب
ترى أيُّما فنٍّ من العلم مشكل ... ومالك يا ذا الفضل فيه نصيب
/٢٨٩ ب/ بليغٌ غدا يعيي الفصيح امتحانه ... ويسأله عن مشكل فيجيب
وإنِّي أخا العلياء ليس بشاعرٍ ... فيحسدني يومًا عليك أديب