قال: أنشدني إسحاق بن معالي لنفسه ما كتبه إلى عمّه الوزير أبي الحسن علي بن شماس بن الحسين يشتكي من دهره، ويستنصر على ما ألم به من طوارق اعترته، وحوادث لازمته: [من الوافر]
/٢٤٠ أ/ جوًى بين الضُّلوع له ضرام ... وصبٌّ لا يزايله الغرام
وأجفانٌ تسحُّ دمًا ودمعًا ... مسهَّدة إذا هجع النِّيام
تولَّى العيش إذ ولَّت سليمي ... وواصل حيث فارقت السَّقام
سقى الله العقيق وساكنيه ... ملثٌّ الدَّمع إن ضنَّ الغمام
وحطَّت دونه نوب اللَّيالي ... وأضحى للسُّرور بها مقام
ديارٌ رقَّ ثوب العيش فيها ... وطابت لي بساحتها المدام
قطعت بها لييلات قصارًا ... على تلك اللُّييلات السَّلام
ومهزوز القوام إذا تثنَّى ... يريك تثنِّي الغصن القوام
يزور خياله من غير وعد ... إذا ألقى كلاكله الظَّلام
ليعليم هل طعمت الغمض كلًّا ... لذيذ الغمض بعدهم حرام
وكيف ينام صبٌّ مستهامٌ ... له في السِّجن عامٌ ثمَّ عام
بلا جرمٍ تقدَّم منه لكن ... له في المجد بيت لا يرام
له المولى جلال الدِّين عمٌّ ... عظيمٌ لا تساجله العظام
وزير ممالكٍ ونفاق دهر ... وصدرٍ أكابر الدُّنيا إمام
رأي الملك المعظَّم منه نصحًا ... ودينًا لا يخالطه أثام
/٢٤٠ ب/ صحيح الودِّ ميمون المحيَّا ... له إن عبَّس الدَّهر ابتسام
كفاني صرف حادثة اللَّيالي ... وقد خيفت ولي منه ذمام
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه ما كتبه إلى الأمير عزي الدين محمد بن بدر الكردي الحميدى: [من البسيط]
يا موضع العنس أضحت وهي ضامرةٌ ... مثل الهلال على الأفق الجنوبيِّ
يسائل النَّاس من يقري الضُّيوف ومن ... يروي السُّيوف ويروي كلَّ خطِّيِّ
ومن يجير إذا ما الدَّهر جار ومن ... تذكى له النَّار في اللَّيل الدَّجوجيِّ
إن شئت تدرك من هذي الصِّفات به ... من أكرم النَّاس مسموعٍ ومرئيِّ