للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قدم القاضي تاج الدين، وولي تدريس النظامية، لازم الاشتغال به، وسماع دروسه، واستبدل بحلقة المناظرة، كتبه، تكلم مع الفقهاء، وسمع ما كان يقرأ عليه من الفنون، وسمع منه، وكتب عنه، وقرأ عليه في مدة مقامه بالنظامية، وتعمد انفصاله عنه بالفتوى، وسمع من لفظ تاج الدين كتاب "روح العارفين"، وقرأ عليه من حفظه في سنة تسع وستمائة جميع كتاب "الخطب النباتية"، وكتاب "ألفاظ عبد الرحمن"، و"مقصورة ابن دريد"، وقرأ من حفظه عليه كتاب "الفصيح"، لثعلب، وكتاب "ملحة الإعراب"، وكتاب "المستصفى" بكماله تأليف الغزالي، وكتاب "كفاية المتفقه وتذكرة الفرضي المتنبه"، وغير /١٨ ب/ ذلك من التواليف.

وكانت ولادته سنة تسع وسبعين وخمسمائة ببغداد، وتوفي بها يوم الجمعة عاشر رجب سنة اثنتين وعشرين وستمائة، ودفن بالجانب الشرقي، بالمقبرة الوردية.

شاهدته ببغداد شابًا يتفقه على مذهب الإمام الشافعي، ولم أعلق عنه شيئًا من فيه، ثم وجدت له بعد موته قطعة يمدح بها بعض رؤساء إربل: [من الطويل]

سلام على المولى السديد المؤيد ... سلام بريَّاه الرّكائب تغتدي

تحية من أضحى على العهد قلبه ... يراه بعيني شوقه والتَّودد

إذا ضلَّ ركب نحو إربل قاصد ... فمن طيب ما أهدى مع الركب يهتدي

يردُّهم قصد الطريق نسائم ... تضوع بريا الماجد القيل أحمد

كريم يجول البشر في قسماته ... فأنواره كالبرق للشائم الصَّدي

ترى ربعه بالبرِّ والخلق آهلًا ... فمورده بالبر أعذب مورد

فلا زال في عزِّ يدوم ورفعة ... ولا زال في جدِّ سعيد وسؤدد

وأنشدني ولده عبد الرحمن قال: أنشدني والدي لنفسه من قصيدة امتدح بها بعض الأمراء ببغداد، أولها يقول: [من الكامل]

/١٩ أ/ لام العذول على الغرام مململا ... قلقًا يعقُّ من الهيام العذَّلا

رضع الهوى طفلًا ولم يك واردًا ... بحر السلوِّ فما له أن يقبلا

كفَّ الملام فلو شربت كؤوسه ... لعذرته وكففت عنه المقولا

صب يذوب على الحبيب تأسفًا ... وتمثِّل الأفكار منه ممثَّلا

<<  <  ج: ص:  >  >>