فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُخَالِفْكَ.
فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا.
يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] .
فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَيَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَلْيِعْرِفْهُ، فَأَنَا أَعْرِفُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ: {قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨] .
فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَلا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللَّهِ.
قَالَ: فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ الْكِتَابَ، فَإِنْ جَاءَنَا بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ، وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلٍ وَلَنَرُدَّنَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ.
فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ الْكِتَابَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ كُلُّهُمْ تَائِبٌ فِيهِمْ ابْنُ الْكَوَّاءِ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلِيٌّ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَبَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى بَقِيَّتِهِمْ.
قَالَ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ؛ فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: أَنْ لا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلا، أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨] .
قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ فَقَدْ قَتَلَهُمْ؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السُّبُلَ وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ وَاسْتَحَلُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute