للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل القتال، ولا يؤمن الضرر عليها وبها، ويجوز أن يأذن للطاعنة في السن، لسقي الماء، ومعالجة الجرحى؛ لما روى أنس قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار، يسقين الماء، ويداوين الجرحى.» وهذا حديث صحيح.

فصل

ويستحب أن يخرج يوم الخميس؛ لما روى كعب بن مالك قال: «قلما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج في سفر إلا يوم الخميس.» ويعبئ جيشه، ويرتب في كل جانب كفؤاً؛ لما «روى أبو هريرة قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجعل خالداً على إحدى المجنبتين، وجعل الزبير في الأخرى، وجعل أبا عبيدة على الساقة» ؛ ولأن ذلك أحوط للحرب، وأبلغ في إرهاب العدو. ويعقد الألوية والرايات، ويجعل لكل طائفة لواء؛ لما روى ابن عباس: «أن أبا سفيان حين أسلم قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للعباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: احبسه على الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها قال: فحبسته على الوادي، حيث أمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومرت به القبائل على راياتها. وهو متحير في ألوانها» . لكنه يغاير ألوانها، ليعرف كل قوم راياتهم، ويعرف عليهم العرفاء، ويجعل لكل طائفة أميراً، ويكلفهم من السير ما يقدر عليه ضعيفهم؛ لئلا ينقطع عنهم، أو يشق عليه إلا أن تدعو حاجة إلى الجد في السير لمصلحة رآها، فيجوز؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، جد في السير حين بلغه قول عبد الله بن أبي: ليخرجن الأعز منها الأذل. ليشغل الناس عن الخوض فيه. ويتخير لهم من المنازل أصلحها لهم، ويتتبع مكامنها فيحوطها عليهم، ولا يغفل الحرس والطلائع، ليحفظهم من البيات. وقد «روى سهل بن الحنظلية: أنهم ساروا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين، فأطنبوا السير حتى إذا كان عشية، قال: من يحرسنا الليلة؟ فقال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله، قال: فاركب فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فقال له: استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن من قبلك الليلة، فلما أصبحنا، خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال: هل أحسستم فارسكم قالوا: لا، فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاته قال: أبشروا فقد جاءكم فارسكم فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسلم، فقال: إني انطلقت، حتى كنت في أعلى هذا الشعب، حيث أمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما أصبحت، اطلعت الشعبين كليهما فنظرت، فلم أر أحداً، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل نزلت الليلة قال: لا، إلا مصلياً، أو قاضياً حاجة، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قد وجبت، فلا عليك ألا تعمل بعدها.» رواه أبو داود. ويذكي العيون، ليعلم أخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>