يُرادُ بها أنَّ الله تعالى حينَ شرعَ الشَّرائع كأمرِهِ بالصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ والحجِّ وغيرها أمرًا مجملاً، كقوله:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ١١٠] ، فهلْ يُتصوَّرُ أن يأمُرَ بذلكَ من غير بيانٍ لمُرادهِ بما أمرَ: صفَتِهِ وأحكامِهِ؟ ههنَا مسألتَانِ أُصوليَّتانِ تتَّصلانِ بالكتابِ والسُّنَّةِ جميعًا:
١ـ يمتنِعُ في الدِّينِ أن يُؤخِّرَ الشَّارعُ البيانَ عن وقتِ الحاجَةِ، لأنهُ تكليفٌ بمجهولٍ، وذلكَ غيرُ مقدُورٍ عليه، فلو لم ينْزِلْ غيرُ قولهِ:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} لمَا أمكنَ المُكلَّفينَ أن يعرفُوا كيفَ الصَّلاة.
ويتفرَّغُ عن هذه المسألةِ: أنَّ الدَّليلَ إذا جاءَ بِبيانِ حكمٍ في قضيَّةٍ وسكتَ عن زيادَةِ التَّفصيلِ مع اقتضاءِ المقامِ بيانَ المسكوتِ عنهُ لوْ كانَ من جملةِ المطلُوبِ، فذلكَ دالٌّ على عدَمِ إرادَةِ الشَّارعِ لهُ، لأنَّهُ لو أرادَهُ لما صحَّ سُكُوتُهُ عنهُ في موضعٍ يحتاجُ فيه المكلَّفُ إلى معرفةِ الحُكمِ.
مثالهُ: قصَّةُ الرَّجلِ المُسيءِ صلاتَهُ، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنهُ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخلَ المسجدَ، فدخلَ رجلٌ فصلَّى، ثمَّ جاء فسلَّم على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليه السَّلام، فقالَ:((ارجِعْ فصلِّ، فإنَّك لم تُصلِّ)) ، ثم جاء فسلَّم على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ارجِعْ فصلِّ،