جمهورُ العلماءِ على أنَّ القياس إذا استجمعَ أركانَهُ وشرُوطَهُ فهوَ حجَّةٌ شرعيَّةٌ لإثباتِ الأحكامِ فيما لا نصَّ فيه من الوقائعِ، وهو من أبرزِ مسالكِ الاجتهادِ وألصقِها بالنُّصوصِ حيثُ يلزمُ فيه حصُولُ الموافقةِ للنَّصِّ بالاشتراكِ بين الأصلِ والفرْعِ بمعنى صحيحٍ.
ووجُوهُ الاستدلال لمذهبِ الجمهورِ ليسَ فيها ما هوَ صريحٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ بأنْ جاءَ (القياسُ حجَّةٌ في الدِّين) ، ولكنَّهما قدْ دلاَّ على صحَّته من جهةِ تصحيحِ مبدأ القياسِ في التَّدبُّرِ في الآياتِ الكونيَّةِ والأمرِ بأخذِ العبرةِ من أحوالِ الأُممِ في كتاب الله تعالى، كما أمر به القرآنُ في مواطِنَ كثيرةٍ، وما ضربُ الأمثالِ والتَّشبيهُ وهو لا يُحصى كثرةً في الكتابِ والسُّنَّةِ إلاَّ في القياسِ.
وأبْيَنُ تلكَ الاستدلالاتِ ما كانَ يقعُ من سيِّدِ المجتهدينَ - صلى الله عليه وسلم - من استعمالِ القياسِ في كثيرٍ من الحوادثِ، من ذلكَ:
١ـ حديثُ أبي ذرٍّ رضي الله عنه وقدْ ذكر عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قولَهُ:((وفي بُضعِ أحدِكُم صدَقَةٌ)) قالو: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شَهوَتَهُ ويكونُ لهُ فيها أجرٌ؟ قالَ:((أرأيتُم لو وضَعَهَا في حرامٍ أكانَ عليه فيها وِزْرٌ؟ فكذلكَ إذا وضعَهَا في الحلالِ كانَ لهُ أجرًا)) [أخرجه مسلمٌ] .
٢ـ حديثُ عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: جاءَتِ امرأةٌ