وهذا خطأٌ جسيمٌ بُني على ظنٍّ ووهمٍ، ذلكَ أنَّهُ تضمَّن الاعتقادَ بضياعِ شيءٍ من الدِّينِ وحفظِ ما يُعارضُهُ، وهذا ضلالٌ وجهلٌ م قائلِه، فإنَّ الله الَّذي أكملَ لنا الدِّينَ تعهَّدَ بحفظِه، وإن كانَ يخفَى بعضُه على الأفرادِ فلا يجوزُ أن يخفَى جميعُه على جميعِ الأمَّةِ، فإنَّ اتِّفاقها على تضييعِ نصٍّ من نصوصِ الشَّرعِ اتِّفاقٌ منها على الضَّلالِ، فكيفَ يصحُّ هذا وهيَ معصُومَةٌ منهُ، وما هذا القولُ في الحقيقةِ إلاَّ دليلٌ على فسادِ هذهِ الدَّعاوى في الإجماعِ الموهومِ.
٣ـ القياسُ، لأنَّ من شرطِ صحَّتِهِ البناءَ على النَّصِّ، فإذا ناقضَ نصًّا آخرَ فاحتِمالُ النَّسخِ وارِدٌ بين النَّصِّ الَّذي استُفيدَ منهُ حكمُ القِياسِ، والنَّصِّ المعارضِ لهُ، لا بينَ نصٍّ وقياسٍ، على أنَّ القياسَ لا يصحُّ وُرودُه بخلافِ النَّصِّ.
كما دلَّ التَّعريفُ المتقدِّمُ علَى:
أنَّ ما ثبتَ بدليلِ (استِصحابِ الإباحَةِ الأصليَّةِ) ، ثمَّ جاءَ نَصٌّ نقلَ عن تلكَ الإباحَة، فليسَ هذا من قبيلِ النَّسخِ، لأنَّ الإباحَةَ لم تُبنَ على دليلِ بخصوصِ تلكَ الجُزئيَّةِ، إنَّما أُلحقَتْ بدليلٍ عامٍّ وقاعِدَةٍ كليَّة ترجعُ إلى عدَمِ النَّصِّ، فليسَتْ (حُكمًا شرعيًّا فرعيًّا ثبتَ بالنَّصِّ) .