وهذا شاملٌ لما يتَّصلُ بالعبادَاتِ أو المُعاملاتِ وسائرِ التَّصرٌّفاتِ، فإنَّ الدِّين لفظٌ يعُمُّ جميع شرائع الإسلامِ.
وقد علمنَا ممَّا تقدَّم في (أدلَّة الأحكامِ) أنَّ جيمعَ الأدلَّة (ومنها الاجتهاديَّة) راجعةٌ إلى الوحيِ، إذْ طريقُ الاجتهادِ ليسَ هو بمحضِ العُقولِ الَّتي قد تصيرُ بأصحابهَا إلى اتِّباعِ الهوَى، وإنَّما هو بأُصولِ الشَّريعَةِ نفسِهَا، فليسَ من شيءٍ يصحُّ أن يُنسبَ إلى شريعَةِ الإسلامِ إلاَّ وعليهِ دلالةٌ من نفسِ أدلَّةِ الشَّريعةِ.
فإذا كانتِ الغَايَةُ في التَّشريعِ تحقيقَ مصالحِ العبادِ فيجبُ الاعتَقادُ بأنَّه مُستوعبٌ لأحكامِ جميعِ تلكَ المصالحِ: ما يوجِدُها ويُحصِّلُها، وما يحمِيهَا ويُديمُها.
* أنواع المصالح المقصودة بالتشريع:
من أعظمِ ما يجبُ على الفقيهِ معرفتُهُ إدراكُ ما ترجعُ إليهِ المصالحُ الَّتي جاءتْ جميعُ شرائعِ الإسلامِ لتحقيقهَا، وذلكَ لأمرينِ:
الأوَّل: معرفَةُ الوجوهِ الَّتي وردَ عليها التَّشريعُ من الحِكمِ والمعانِي، للإبانَةِ عنها وتبصيرِ الخلقِ بها، وذلك بإظهارِ محاسنِ هذه الشَِّريعَةِ العظيمَةِ ومزاياهَا وصلاحيَّةِ أحكامِها لجميعِ الأزمنَةِ والأمكنَةِ، وإقامةِ الحجَّة على أنَّها القانُونُ الَّذي يجبُ أن يسودَ، والميزانُ الَّذي يجبُ أن يُنصبَ، والعدلُ الَّذي يجبُ أن يُقامَ، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ