فرَّق الحنفيَّةُ في المطلوبِ الكفُّ عنه على وجه الإلزامِ بين ما ثبتَ بدليلٍ قطعيِّ الورود كالقرلآن والسُّنةِ المتواترَةِ، فسمَّوا ما ثبت به (الحرام) ، وما ثبتَ بدليلٍ ظنِّيِّ الورودِ كحديثِ الآحادِ الصَّحيحِ، فسمَّوه:(المكروهُ تحريمًا) ، وهذا شبيهُ ما تقدَّم لهُم في التَّفريقِ بينَ (الفرضِ) و (الواجبِ) ، وجمهُورُ العلماءِ على عدمِ التَّفريقِ، وهو الصَّوابُ.
[٤ـ المكروه]
"تعريفه:
لُغةً: مادَّتُهُ (كره) وهو أصلٌ يدلُّ على خلافِ الرِّضا والمحبَّةِ، فـ (المكروهُ) ضدُّ المحبوبِ.
واصطلاحًا: ما طلبَ الشَّارعُ من المكلَّفِ تركَهُ لا على وجهِ الحتْمِ والإلزامِ، ويثابُ تاركُه امتثالاً، ولا يعاقبُ فاعلُهُ.
وقد استُعملَ لفظُ (المكروهُ) في لسانِ الشَّرعِ بِهذا المعنى، وكذلك بمعناهُ اللُّغويِّ الَّذي هو ضدُّ المحبوبِ، فربَّما وُصفَ بهِ (الحرامُ) ، كما في قوله تعالى بعد ذكرِ بعضِ المناهي في سورةِ الإسراءِ:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}[الإسراء: ٣٨] ، وجميعها محرَّمٌ، والمعنى فيه أنَّ تلكَ المحرَّماتِ غيرُ محبوبةٍ ولا مرضيَّةٍ، بلْ مُبغضةٌ