يُرادُ بالتَّعارضِ: التَّناقضُ والاختلافُ بين الدَّليلينِ الثَّابتينِ.
وهذا المعنى لا وُجودَ لهُ حقيقةً في الأدلَّةِ الشَّرعيَّةِ، لأنَّ الله تعالى نصبَهَا علاماتٍ يهتدي بها المُكلَّفُونَ في الطَّريقِ إليهِ، والتَّعارضُ مناقضٌ لهذه الحقيقةِ، وقد نفى الله عزَّوجلَّ ذلك عن كلامِهِ، فقالَ:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء:٨٢] ، فسلمَ من الاختلافِ وعُصمَ من الباطلِ كما قال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١ـ ٤٢] ، وكلامُ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - سالمٌ من التَّعارضِ كسلامَةِ القرآنِ، فكلُّه وحيُ الله تعالى وتشريعُه، كما قال سبحانهُ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ـ ٤] .
وإنَّما يوجدُ التَّعارضُ في نظرِ المُجتهدِ لانتفاءِ العصمةِ، ووُرودِ الخطإ والقُصورِ في الفهمِ، وخفاءِ الأدلَّةِ ووُجوهِهَا عليهِ، ممَّا هوَ طبعُ البشرِ إلاَّ المعصومَ - صلى الله عليه وسلم -.
فلمَّا كانَ يمتنعُ التَّعارضُ حقيقةً في أدلَّةِ الشَّرعِ فعلى المُجتهدِ إذا