للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باستِقراءِ صُورِ النَّسخِ أنَّه واقعٌ بأربعَةِ أشياءَ:

الأوَّلُ: نسخُ قُرآنٍ، كنسخِ قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠] بآياتِ المواريثِ من سورةِ النِّساءِ، وصحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قولهُ: ((إنَّ الله قدْ أعطَى كلَّ ذِي حقٍّ حقَّهٌ، فلا وصيَّةَ لوارثٍ)) [أخرجه أصحابُ السُّنن وغيرُهم] ، وصحَّ القولُ بنسخِهَا عن جماهيرِ السَّلفِ، كابنِ عبَّاسٍ وغيرِه، وإنْ كانُوا قدِ اختلفُوا في النَّاسخِ: هلْ هوَ آياتُ المواريثِ أمِ الحديثُ؟

والثَّاني: نسخُ سنَّةٍ بسنَّةٍ، كصفَةِ التَّطبيقِ في الرُّكوعِ، فعنْ علقَمَةَ بنِ قيسٍ والأسودِ بنِ يزيدَ: أنَّهما دخلاَ على عبد الله (هُو ابنُ مسعودٍ) ، فقالَ: أصلَّى من خلفَكُم؟ قالاَ: نعَمْ، فقامَ بينهُمَا، وجعلَ أحدَهُما عن يمينهِ والآخرَ عن شمالِهِ، ثمَّ ركعنَا، فوضَعنَا أيدينَا على رُكبِنَا، فضرَبَ أيدينَا، ثمَّ طبَّق بين يديهِ، ثمَّ جعلهُما بينَ فخِذيهِ، فلمَّا صلَّى قالَ: هكذا فعلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [رواه مسلمٌ] ، نسخَهُ ما في حديث سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنهُ، فعنِ ابنِهِ مُصعبٍ قالَ: صلَّيتُ إلى جنبِ أبي، فلمَّا ركعتُ شبَّكتُ أصابِعِي وجعلتُهُما بينَ رُكبتيَّ، فضرَبَ يديَّ، فلمَّا صلَّى قالَ: قدْ كُنَّا نفعلُ هذا، ثمَّ أُمرنَا أن نرفَع إلى الرُّكبِ [متفقٌ عليه] .

<<  <   >  >>