بنِ المسيَّبِ) لأنَّهُ كان من كبارِ التَّابعينَ، والتَّحقيقُ أنَّ الشَّافعيَّ لم يسْتَثْنِ مراسيلَ سعيدٍ، وإنَّما قبلهَا حينَ يأتي ما يُعضِّدُها من وجهٍ آخرَ وجعلَ لها مزيَّةً على مراسيلِ غيرهِ لأنَّ مُعظمَهَا اعتبِر فوجِدَ صحيحًا من وجوهٍ أُخرَ.
٤ـ اشترطَ المالكيَّةُ لقبولِ (سُنَّةِ الآحادِ) أن لا تكونَ مخالفَةً لعملِ أهلِ المدينَةِ، وذلكَ أنَّ عملَ أهلِ المدينةِ بمنزلَةِ السُّنَّةِ المتواترَةِ حيثُ توارثُوا العملَ عن أسلافهِم جمعًا عن جمعٍ حتَّى عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمتواترُ مقَدَّمٌ على الآحادِ.
والتَّحقيقُ في هذه المسألةِ:
أنَّ مذهبَ مالكٍ الَّذي يُبيِّنُه المحقِّقُونَ من أصحابِهِ كأبي الوليدِ الباجيِّ وغيرهِ رحمهم الله أنَّه يرى الاحتِجاجَ بعملِ أهلِ المدينةِ فيما كان الأصلُ فيه النَّقلَ لا الاجتهادَ، مثلُ: ألفاظِ الأذانِ، وتركِ الجهرِ بالبسملَةِ عند قراءةِ الفاتحةِ في الصَّلاةِ، فهذا وشِبْهُه ليسَ لأهلِ المدينةِ فيه اجتهادٌ، وإنَّما الأصلُ فيه التَّلقِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحينَ يتداولهُ أهلُ المدينة جيلاً عن جيلٍ إلى عهدِ مالكٍ، ولم يكُنْ عهدُهُ بعيدًا عنهم فإنَّهُ من أتباعِ التَّابعينَ، ولم تَنْدَثر السُّننُ بعدُ في مثلهِ ولم يقعْ فيها التَّغييرُ، فهذا بمنزلة نقلهِم الحديثَ نقلَ الجمعِ الَّذي تُحيلُ العادَةُ تواطؤهم على الكذبِ، فكانَ ذلكَ العملُ كالحديثِ المتواترِ