بلغَهُ ذلك القولُ، ثمَّ لو بلغَهُ فجائزٌ أن يكونَ منعهُ مانعٌ من الاعتراضِ، ربَّما كانَ الهيبةَ للقائلِ، أو الخوفَ، أو لأنَّه يرى أنَّه لا إنكارَ في موضعِ اجتهادٍ، كما يجوزُ أن يكونَ أنكرَهُ ولم يبْلُغْنا، أو لغيرِ ذلكَ.
٢ـ حجَّةٌ قطعيَّةٌ، وهو قولُ بعضِ الحنفيَّةِ والحنابلَةِ.
واحتجُّوا بأنَّ السُّكوتَ في الأصلِ علامةٌ على الموافقةِ والرِّضا.
٣ـ حجَّةٌ ظنيَّةٌ، وهو قولٌ للشَّافعيِّ وبعضِ الشَّافعيَّةِ والحنفيَّةِ.
واستدلُّوا بأنَّ الاحتمالَ الوارِدِ على رضَا المجتهدِ وعدَمِ رِضاهُ يجعلُ الجزمَ بموافقتِهِ ظنيًّا، لكنْ لمَّا كان الأصلُ أنَّ العالمَ لا يسكتُ في الموضعِ الَّذي يقتضي البيانَ، دلَّ ذلكَ على أنَّهُ موافقٌ على ذلكَ القولِ الَّذي بلغَهُ.
وطائفةٌ من الفقهاءِ تخصُّ هذا النَّوعَ من الإجماعِ بالصَّحابةِ دونَ من بعدَهُم، لأنَّ منصبَهُم الشَّريفَ لا يقتضي السُّكوتَ في موضعِ المخالفَةِ، وسيأتي في (مذهب الصَّحابيِّ) بيانُ درجتهِ.
وفي أيِّ هذه المذاهبِ الصَّوابُ؟
إنَّ معرفَةَ واقعِ استعمالِ هذا النَّوعِ من الإجماعِ يُساعدُ على إدراكِ المذهب الصَّحيح من هذه المذاهبِ، هذا الإجماعُ هو الَّذي يُدَّعى في كثيرٍ من المسائلِ الشَّرعيَّةِ، وهو مبنيٌّ على أنَّ الفقيهَ تتبَّع المنقولَ عن