(العُرفُ) ليسَ دليلاً من أدلَّةِ الأحكامِ في طريقةِ عامَّةِ العلماءِ، ولكنَّهُ عندَهُم أصلٌ من أُصولِ الاستِنباطِ تجبُ مُراعَاتُهُ في تطبيقِ الأحكامِ، وإن سماهُ بعضُهُم (دليلاً) فإنَّما أرادَ هَذا المعنى.
و (العُرفُ) الَّذي يُراعى إنَّما هو (العُرفُ الصَّحيحُ) لا (الفاسِد) .
ومن قواعِدِ الفُقهاءِ في ذلكَ قولُهُم:(العادَةُ محَكَّمةٌ) ، فلو شتَمَ إنسانٌ إنسانًا بلفظٍ، فادَّعَى المشتوم أنَّ الشَّاتم قذَفهُ، روعيَ في ذلكَ ما جرى بهِ العُرفُ في استخدَامِ ذلكَ اللَّفظِ.
وكذا فيهِ قولُهُم:(المعروفُ عُرفًا كالمشرُوطِ شرْطًا) ، فلوِ اختلفَ المُستأجِرُ معَ صاحبِ المنزلِ في إصلاحِ تلفٍ في المنزلِ منْ يقومُ بهِ أو يدفعُ أُجرتَهُ، كان الحُكمُ فيهِ بينهما بالعُرفِ.
* تنبيه:
(العُرفُ) متغيِّرٌ بتغيُّرِ الزَّمانٍ والمكانِ، وما يتمُّ تطبيقُهُ على وَفْقِهِ من الأحكامِ يختلفُ باختلافِهِ، وكثيرٌ من فتاوَى الفُقهاء بُنيَتْ على مُراعَاةِ الزَّمانِ الَّذي كانو فيه، والبَلَد الَّذي عاشُوا فيهِ، فلا تصلحُ تعديَةُ ما أثَّر فيه العُرفُ من الفتاوى والأحكامِ إلى غيرِ أهلِ العُرفِ الَّذي أثَّر فيها، إنَّما تُعتبرُ خاصَّةً بذلكَ الزَّمانِ أو المكانِ، ويُراعَى