وردِّ قولِ ذاكَ، وإنْ وُجِدَ مُرجِّحٌ خارجيٌّ كدليلٍ من الكتابِ والسُّنَّةِ أو القياسِ أو غير ذلكَ كان الاحتجَاجُ بالدَّليلِ لا بقولِ الصَّحابيِّ.
٣ـ أن يكونَ المذهبُ لم ينتشرْ، وليسَ مثلُهُ مظنَّةَ الانتِشارِ، ولمْ يخَالف فيهِ صحابيًّا غيرَهُ.
فهذا اختلفوا فيهِ، وأكثرُهُم يحتجُّ به حيثُ لا يكونُ عندَهُ في المسألةِ نصٌّ من كتابٍ أو سُنَّةٍ، ويُقدِّمُهُ على رأي نفسِهِ، لكنْ هل احتِجَاجُ من يحتجُّ بهِ بناءً على أنَّهُ دليلٌ من أدلَّةِ الأحكامِ أو ألجأهُم إليهِ فُقدانُ الدَّليلِ في المسألةِ فصارُوا إلى اقتفاءِ أثرِ الصَّحابَةِ ومُتابَعتِهم على سبيلِ التَّقليدِ لأنَّ قولهُم ألصقُ بالهُدَى والصَّوابِ من قولِ غيرِهِم؟ يبدُوا أنَّ الاحتمالَ الثَّاني أرجحُ، وممَّا يدلُّ عليه قولُ الإمام الشَّافعيِّ رحمه الله في حِكايتهِ مع مُناظرِهِ:((قالَ: أفرأيتَ إذا قالَ الواحدُ منهم القولَ لا يُحفظُ عن غيرِهِ منهمْ فيه لهُ موافقةً ولا خلافًا، أتجدُ لك حُجَّةً باتِّباعهِ في كتابٍ أو سنَّةٍ أو أمرٍ أجمعَ النَّاسُ عليه فيكونَ من الأسبابِ الَّتي قلتَ بهاخبرًا؟ قلتُ لهُ: ما وجدنَا في هذا كتابًا ولا سنَّةً ثابتةً، ولقد وجدْنَا أهل العلمِ يأخذُونَ بقولِ واحدِهِم مرَّةً ويتركُونهُ أخرى، ويتفرَّقُوا في بعضِ ما أخذُوا به منهم، قالَ: فإلى أيِّ شيءٍ صرتَ من هذا؟ قلتُ إلى اتِّباعِ قولِ واحدٍ إذ لم أجِدْ كتابًا ولا سنَّةً ولا إجماعًا ولا شيئًا في معناهُ يُحكمُ له بحُكمهِ، أو وُجدَ معهُ قياسٌ، وقلَّ ما يوجدُ من قولِ الواحِدِ منهُم لا يُخالفُه غيرُهُ من هذا)) [الرِّسالة ص ٥٩٧ـ