للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١ـ قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] ، فإنَّ الأمرَ على أصلِ دلالتِه للوُجوبِ، فلذلكَ سقط به وجوبُ قراءةِ الفاتحةِ وراءَ الإمامِ عندَ جُمهورِ العلماءِ.

٢ـ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخلَ أحدُكم المسجدَ فليرْكعْ ركعتينِ)) [متفقٌ عليه من حديث ابي قتادَةَ] ، فهذا أمرٌ مصروفٌ عن الوُجوبِ إلى النَّدبِ في قولِ جمهُورِ العلماءِ، والقرينةُ الصَّارفةُ له عن الوُجوبِ هي ما تواترَتْ به النُّصوصُ من كونِ الصَّلواتِ المفروضاتِ خمسًا في اليومِ واللَّيلةِ، وما صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من عدِّ جميعِ ما يزيدُه المسلمُ عليها تطوُّعًا.

واعلمْ أنَّ القرينةَ ممَّا يختلفُ في تقديرهِ العلماءُ وجرَى منهاجُهم على اعتبارِ القرينةِ صارِفةً لدلالةِ اللَّفظ عمَّا استُعملتْ فيه في الأصلِ إلى المعنى الَّذي دلَّت عليهِ، وهي قدْ تكونُ صريحةً بيِّنَةً كما في المثالِ المذكورِ، وقد تكونُ خفيَّةً لا تبدوا إلاَّ بالبحثِ والتَّامُّلِ، كما أنَّها قدْ تُستفادُ من نفسِ النَّصِّ، أو من دليلٍ خارجيٍّ، ولا يلزمُ أن تكونَ نصًّا من الكتابِ والسُّنَّةِ، إنَّما يجوزُ أن تكونَ كذلكَ، ويجوزُ أن تستنِدَ إلى قواعدِ الشَّرعِ ومقاصِدِه، ويجري فيها ما يجري على الدَّليلِ القائمِ بنفسهِ من جهةِ الثُّبوتِ والدَّلالةِ، وهذا معنى يغفُلُ عنهُ كثيرونَ فلا يُدركُونَ من المقصودِ بالقرينةِ إلاَّ بالقرينةِ اللَّفظيَّةَ الصَّريحةَ.

<<  <   >  >>