الإستقراءِ للأدلَّةِ الواردَةِ في الكتابِ والسُّنَّةِ هو المذهبُ الأوَّلُ وهو قولُ بعضِ الشَّافعيَّةِ والحنابلَةِ.
٢ـ صيغةُ الأمرِ لا تدلُّ بنفسهَا على وجوبِ إيقاعِ المأمورِ به أكثرَ من مرَّةٍ إلاَّ بدليلٍ.
من أمثلتِهِ
[١] حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه قالً: خطبنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ:((أيُّها النَّاسُ، قد فرضَ الله عليكُم الحجَّ فحُجُّوا)) فقال رجلٌ: أكلَّ عامٍ يا رسول الله؟ فسَكَتَ، حتَّى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو قلتُ: نعمْ لوجبَتْ ولما استَطعتُم)) ثم قالَ: ((ذرُوني ما تركتُكُم، فإنَّما هلكَ من كان قبلكُم بكثرةِ سُؤالِهِم واختلافِهم على أنبيائهمْ، فإذا أمرتُكمْ بشيءٍ فأتُوا منهُ ما استطعتُم، وإذا نهيتُكمْ عن شيءٍ فدَعُوهُ)) [أخرجه مسلمٌ] .
فهذا بيَّنٌ في أنَّ صيغَةَ الوُجُوبِ لا تدلُّ بنفسهَا على إرادَةِ إيقاعِ الفعلِ أكثرَ من مرَّةٍ، وإنَّما يحتاجُ إلى دليلٍ زائدٍ يفيدُ التَّكرارَ، فحيثُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقُلْ هُنا (في كلِّ عامٍ) فإنَّ الأصلَ أن تقعَ مرَّةً، فيتحقَّقُ المقصودُ، ولذَا كرِهَ سؤالَ السائلِ لأنَّهُ من قبيلِ البحثِ عن المسكوتِ عنهُ ممَّا قد يقعُ بالسُّؤالِ عنهُ تكليفٌ شاقٌّ يكونُ سببُهُ سُؤالَ ذلكَ السَّائلِ.