٤ـ الأمر في سُرعةِ الامتثالِ مُعلَّقٌ بمقتضى البيانِ، فإنْكان موقَّتًا وقتٍ لزِم امتثاله في الوقتِ المُحدَّدِ، وإن عُلِّق بشرطٍ لزِمَ امثتالُهُ عند وجودِ الشَّرطِ.
هذه من مسائلِ الخلافِ المشهورةِ بين الأصوليينَ، فمنهُم من أطلقَ (صيغةُ الأمرِ تقتضي الفوريَّةَ في الامتثالِ) ، ومنهُم من أطلقَ:(تقتضي التَّراخي) ، ومنهُم من توقَّفَ، ومنهُم من فصَّل، وإذا انتقلتْ لتدبُّرِ ذلك في الأدلَّةِ الشَّرعيَّةِ لا تجدُ أنّ الله تعالى حينَ قال مثلاً:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ١١٠] ، أوجبَ بمجرَّدِ هذا النَّصِّ امتثال المأمورِ عن غير بيانٍ لأحكامِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ، نَعمْ لا ريبَ في وجوبِ الامتثالِ، لكنَّهُ متوقِّفٌ على البيانِ، فكانَ الأمرُ بالصَّلاةِ موقَّتًا بأوقاتِ محدودَةٍ، لا تؤدَّى صلاةٌ قبلَ وقتِهَا، كمَا لا يحلُّ أن تخرجَ من وقتِهَا، وامتثالُ الأمرِ بتلكَ الصَّلاةِ موسَّعٌ باتِّساعِ وقتِهَا، وفرضُ الحجِّ عُلِّق بوصفٍ في وقتٍ، فهوَ ليسَ بلازم حتَّى يوجَدَ ذلكَ الوصفُ في الوقتِ، كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧] ، وذلكَ في أيَّامِ الحجِّ الموقَّتة، وقضاءُ من فاتَهُ شيءٌ من رمضانَ بُعُذرٍ واجبٌ بعدَ رمضانَ موسَّعًا