فابنُ الزِّبعريّ استعملَ العُموم ليُجادل بهِ، وذلكَ بأنَّه جارٍ على لُغته ولسانهِ، وهوا لعربيُّ الفصيحُ، حتَّى أنزل الله تعالى دليل التَّخصيصِ، فأبطل خُصومتهُ.
[٤] وقوله - صلى الله عليه وسلم - حين سُئلَ عن الزَّكاةِ في الحُمرِ)) ما أُنزل عليَّ في الحمُرِ إلاَّ هذه الآية الفاذّة الجامعةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ـ ٨] شقَّ ذلك على أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: أيُّنا لا يظلمُ نفسهُ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليسَ هوَ كما تظنُّونَ، إنَّما هو كما قال لُقمانُ لابنِهِ:{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِن الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣] ، [متفقٌ عليه] ، فأجرى الصَّحابةُ الآية الأولى على العُموم بمقتضى لُغتهم ولسانِهم، حتّى بيَّن لهُم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ العمومَ هنَا مخصوصٌ.
وفي هذا الحديث من الفائدة كذلك: أنَّ دلالة العُمومِ ظنيَّةٌ بصريحِ قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.