للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمفهومِ هذا الحديثِ بنفيِ الرِّبا في غيرِ النَّسيئةِ وحصْرِه في النَّسيئةِ، وإنَّما خالفهُ غيرُهُ من الصَّحابةِ كأبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنهُ وغيرِه لا في صحَّةِ إفادَةِ الحصرِ بهذهِ الصِّيغةِ، وإنَّما لثُبوتِ المُعارضِ عندَهُم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ثبوتُ تحريمٍ ربا الفضلِ.

٢ـ أن لا يكونَ خرَجَ مخرجَ الغالبِ.

فمثالُ ما سقطتْ فيه دلالةُ المفهومِ لمجيئِهِ على هذا المعنَى: قولهُ تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] ، فهذا شرطٌ لا مفهومَ لهُ؛ لأنَّ الإكراهَ لا يقعُ عادةً مع الرَّعبةِ في البِغاءِ؛ إنَّما يقعُ وهُنَّ يُردْنَ العِفَّةَ، فالمَعنَى: لا يحلُّ إكراهُهُنَّ على البِغاءِ أرَدْنَ تحصُّنًا أو لم يُرِدْنَ.

وتقدَّم في (المُطلقُ والمقيَّدِ) قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نسائكم اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] ، فقولهُ: وصفٌ لكنَّهُ لا أثرَ لهُ وإنَّما خرجَ مخرَجَ الغالبِ، لأنَّ بنتَ الزَّوجةِ تكُونُ غالبًا مع أُمِّهَا.

ومن ذلكَ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] ، فلا مفهومَ لهُ في جوازِ أكلِ القليلِ من الرِّبا، وإنَّما خرجَ هذا مخرجَ الغالبِ، فإنَّ أحدَهُم كانَ يقولُ لمن لهُ عليهِ الدَّينُ: إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تُربيَ، فإن قضَى وإلاَّ زادَهُ، حتَّى يصيرَ

<<  <   >  >>