وهذا القولُ فلْتَةٌ ممَّن قالهُ، فإنَّ خبر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في وعدٍ أو وعيدٍ حقٌّ كما أُخبرنا بهِ، وهوَ واقعٌ كما جاءَ به الخبرُ، ولا يُستشكلُ أنَّ الله تعالى قدْ لا ُينفِذُ الوعيدَ، لأنَّه أخبرنَا أنَّ وعيدَه بمشيئتِهِ، فإنْ شاء عذَّب وإن شاءَ رحمَ كما هوَ الشَّأنُ في عُصاةِ الموحِّدينَ، وأخبرنَا أنَّ فريقًا ممَّن وجب عليهمُ الوعيدُ لاانفِكاكَ لهُم عنهُ بحالٍ كالكُفَّارِ في نارِ جهنَّم، فأيُّ نسخٍ سيقعُ في الوعيدِ، وهوَ إمَّا مُنجَّزٌ وإمَّا مُعلَّقٌ بنفسِ دلالةِ الخبرِ؟
٣ـ نصوصُ الأخلاقِ والفضائلِ، فإنَّها لا يُتصوَّرُ في مثلهَا التَّبديلُ، فالفضيلةُ لا يُقابلُها إلاَّ الرَّذيلةَ، والصِّلةُ تُقابلُها القطيعَةُ، والإحسانُ تُقابلُه الإساءَة، والكرَمُ يُقابلُه البُخلُ، وهكذَا، ومن شرْطِ النَّاسخِ التَّقابلُ بين النَّاسخِ والمنسُوخِ، فإمَّا هذا أو ذاكَ، لا يجتمعانِ في التَّكليفِ.
٤ـ القواعدُ الكُلِّيَّةُ ومقاصدُ التَّشريعِ، لأنَّها كُلِّيات، ولم يقعْ في جميعِ ما يُذكرُ مِمَّا وقع فيه النَّسخُ من نصُوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ نسخٌ لقاعِدَةٍ كلِّيَّةٍ، إنَّما جميُعُها واردٌ في جُزئيَّاتِ الأحكامِ رِعايَةً للمقاصِدِ الكُلِّيَّة كما سبقَ الإشارَةُ إليهِ في (حِكمةِ النَّسخِ) .
٥ـ أحكامٌ جُزئيَّةٌ اقترَنَ تشريعُها بما دلَّ على تأبيدِهَا، كقوله تعالى في حديثِ فرْضِ الصَّلواتِ ليلةَ المِعراجِ: ((هيَ خمسٌ وهيَ خمسُونَ، لا