البيهقي يقول: هذا مرسل جيد، فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد، المقصود أن الحديث تقوم به الحجة، تقوم به الحجة، فأقل أحواله أنه بشواهده صحيح، يعني صحيح لغيره "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((الجمعة -يعني صلاة الجمعة- حق واجب)) تقدم بيان حكمها، وأنها فرض عين على كل من لم يستثن مما ذكر من هذا الحديث، يعني مجموع من استثني ممن لا تجب عليه ستة ((الجمعة حق واجب كل مسلم في جماعة)) يعني الجمعة لا تصح فرادى، إنما لا بد أن تكون في جماعة ((إلا أربعة: مملوك)) لأنه منشغل بأمور سيده، مملوك مشغول بحقوق سيده، ولا شك أن انشغاله بالجمعة يفوت على سيده بعض حوائجه، فالمملوك مستثنى بهذا، وداود الظاهري يقول بوجوب صلاة الجمعة على المملوك لأنه داخل في عموم قوله -جل وعلا-: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(٩) سورة الجمعة] وهو داخل في هذا العموم، لكن ولو دخل في هذا العموم يكون الحديث مخصص للآية، مخصص للآية، هذا من حيث اللزوم، لكن لو حضرها المملوك أذن له سيده وحضر الجمعة، لا شك أنها تجزئه مملوك وامرأة، والمرأة مجمع على عدم وجوب الجمعة عليها، المملوك الذي يعتد بقول داود لا يحكي الإجماع، لكن الذي لا يعتد بقول داود يقول: المملوك مجمع عليه، لم يخالف إلا داود، وذكرنا مرراً أن النووي -رحمه الله- في شرح مسلم يقول: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد" فالذي لا يعتد بقول داود ينقل الاتفاق، لكن الذي يعتد بقول داود وهو إمام من أئمة المسلمين نعم عنده أمور لا يرى القياس، فإذا كانت المسألة عمدتها القياس لا يعتد بقوله، لكن إذا كان عمدتها نصوص يعتد بقوله؛ لأنه إمام من أئمة المسلمين، ومن أهل النظر.