"وعن المسور بن مخرمة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك" نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك، [رواه البخاري] ففعله ظاهر في كونه نحر قبل أن يحلق، والأمر للوجوب أو للاستحباب؟ الأصل في الأمر الوجوب، فهل يجب النحر قبل الرمي؟ وقد قال -عليه الصلاة والسلام- لمن حلق قبل أن ينحر:((انحر ولا حرج))، فالحديث السابق يدل على أن الأمر هنا للاستحباب، ويبقى أن الترتيب بين أعمال الحج للاستحباب، وهذا من باب التوسعة على الناس، يعني لو ألزم الناس في وقت واحد، في آن واحد أن يتجهوا إلى عمل واحد للزم من ذلك الحرج، لو قيل للناس: لا يجوز لكم أن تقدموا على الرمي شيئاً، اتجهوا كلهم إلى الجمرة، لو قيل: لا تقدموا على الحلق اتجهوا كلهم إلى الحلاقين، وهكذا، وهذا التقديم والتأخير لا شك أن فيه توسعة على الناس، وهو الموافق ليسر الشريعة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما سئل عن شيء إلا قال:((افعل ولا حرج))، فمن ألزمه بدم ويرفع عنه الإثم ((لا حرج)) يعني لا إثم، ويلزمه بالدم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(٧٨) سورة الحج] والدم حرج، المقصود أنه لا شيء عليه، والترتيب مستحب.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء)) [رواه أحمد وأبو داود، وفي إسناده ضعف].