شرف الدولة في حشده إلى بالس أيضاً في المحرم ووصله جماعة من بني كلاب ونهض بالعسكر مسرعاً في السير إلى أن نزل على دمشق ووصل إليه جماعة من عرب قيس واليمن وقاتل أهل دمشق في بعض الأيام وخرج إليه عسكر تاج الدولة من دمشق وحمل على عسكره حملةً صادقةً فانكشف وتضعضع عسكره وعاد كل فريق إلى مكانه وعاد عليهم بحملة اخرى وانهزمت العرب وثبت شرف الدولة مكانه وأشرف على الأسر وتراجع أصحابه. وكان شرف الدولة قد اعتمد على معونة عسكر المصريين على دمشق ومعاضدته بالعسكر المصري على أخذها فوقع التقاتل عليه بالانجاد والتقاعد عنه بالاسعاد إشفاقاً من ميل الناس إليه وعظم شأنه بتواصلهم ووفودهم عليه فلما وقع يأسه مما أمله ورجاه وخاف ما تمناه وورد عليه من أعماله ما شغل خاطره في تدبيره وأعماله وتواترت الأخبار بما أزعجه وأقلقه رأى أن رحيله عن دمشق إلى بلاده وعوده إلى ولايته لتسديد أحوالها وإصلاح اختلالها أصوب من مقامه على دمشق وأوفق من شأنه فأوهم إنه سائر مقتبلاً لأمر مهم عليه وارب مطلوب نهد إليه فرحل عن دمشق ونزل مرج الصفر وعرف من بدمشق ذلك فقلقوا لذلك واضطربوا ثم رحل مشرقاً في البرية وجلاً وجد في سيره مجفلاً وأوصل السير ليلاً ونهاراً فهلك من المواشي والدواب للعرب ما لا يحصيه عدد ولا يحصر كثرةً من العطش وتلف وانقطع من الناس خلق كثير وخرجت به الطريق إلى وادي بني حصين قريباً من سلمية فأنفذ وزيره أبا العز بن صدقة إلى خلف ابن ملاعب المقيم بحمص ليجعله بين الشام وبين السلطان تاج الدولة لما يعلمه من نكايته