للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة إحدى وأربعين وخمسمائة]

قد تقدم من ذكر عماد الدين أتابك زنكي في أخوار سنة ٥٤٠ في نزوله على قلعة دوسر على غرة من أهلها وهجمه على ربضها ونهبه وأخذ أهله ما لا حاجة إلى إعادة ذكره وشرح أمره ولم يزل مضايقاً لها ومحارباً لأهلها في شهر ربيع الآخر من سنة ٥٤١ حتى وردت الأخبار بأن أحد خدمه ومن كان يهواه ويأنس به يعرف بير نقش وأصله افرنجي وكان في نفسه حقد عليه لاساءة تقدمت منه إليه فأسرها في نفسه. فلما وجد منه غفلةً في سكرة ووافقه بعض الخدم من رفقته على أمره فاغتالوه عند نومه في ليلة الأحد السادس من شهر ربيع الآخر من السنة وهو على الغاية من الاحتياط بالرجال والعدد والحرس الوافر العدد حول سرادقه فذبحه على فراشه بعد ضربات تمكنت من مقاتله ولم يشعر بهم أحد حتى هرب الخادم القاتل إلى قلعة دوسر المعروفة حينئذ بجعبر وفيها صاحبها الأمير عز الدين علي بن مالك بن سالم بن مالك فبشره بهلاكه فلم يصدقه. وأواه إلى القلعة وأكرمه وعرف حقيقة الأمر فسر بذلك واستبشر بما أتاه الله من الفرج بعد الشدة الشديدة والاشفاء على الهلكة بتطاول المحاصرة والمصابرة وارسال خواصه وثقاته إليه بما استدعاه منه واقترحه عليه من آلات فاخرة وذخائر وافرة أشار إليها وعين عليها ووعده إذا حصلت عنده بالافراج عنه فعند حصوله ذلك لديه مع أصحابه غدر بهم وعزم على الاساءة إليهم فأتاه من القضاء النازل الذي لا دافع له ولا مانع عنه ما صار به عبرةً لأولي الأبصار وعبرةً لذوي العقول والأفكار. وتفرقت جيوشه أيدي سبا ونهبت أمواله الجمة وخزائنه الدثرة وقبر هناك بغير تكفين إلى أن نقل كما حكي إلى مشهد