للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماعةً من الجرحى في الوقعة قد هلكوا مع وصولهم ودفنوا في أماكنهم وخيولهم مصرعة من الجراح الكثيرة ولحق أواخرهم العسكر فقتلوا جماعةً من المنقطعين وأغذوا سيرهم في هزيمتهم خوفاً من لحاق المسلمين لهم. وأمن الناس وخرجوا إلى ضياعهم وانتشروا في أماكنهم ومعائشهم وانفرجت عنهم الكربة وانكشفت الغمة وجاءهم من لطف الله تعالى وجميل صنعه ما لم يكن في حساب ولا خطر في بال. فلله الحمد والشكر على هذه النعمة السابغة والموهبة الكاملة حمداً يستديم جزيل نعمه ويستمد المزيد من منائحه وقسمه وعاد التركمان إلى أماكنهم بالغنائم الوافرة والخلع الفاخرة وتفرق جمع الكفرة إلى معاقلهم على أقبح صفة من المذلة وعدم الكراع وذهاب الأثقال وفقد أبطال الرجال وسكنت القلوب بعد الوجل وأمنت بعد الخوف والوهل وأيقنت النفوس بأن الكفرة لا يكاد يجتمع لهم بعد هذه الكائنة شمل بعد فناء إبطالهم واجتياح رجالهم وذهاب أثقالهم

[سنة أربع وعشرين وخمسمائة]

في المحرم أول هذه السنة توفي الشيخ الأمين جمال الأمناء أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني رحمه الله وكان موصوفاً بالكفاية والأمانة معروفاً بالصيانة والديانة ولم يقم من الشهود بعده مثله في الذكاء والأمانة والغناء

لما خلا ديوان الوزارة بدمشق بعد قتل أبي علي طاهر المزدقاني الوزير من عارف ينظم حسباناته ويسدد أمور معاملاته وارتاد تاج الملوك كافياً يرد الأمر في ذلك إليه ويعتمد فيه عليه ويسكن إلى نهضته في تهذيب أحواله وترتيب أعماله وحفظ أبواب ماله فلم يتسهل له بلوغ المقصود ولا تيسر لارتياده نيل الغرض المنشود فوقع تعويله على الرئيس الوجيه