للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتوجه نحوها وحصل بها واس أمورها سياسةً سكنت معها نفوس أهلها واطمأنت معها قلوب المقيمين فيها وبذل جهده في حماية المسالك وأمن السوابل وقضاء حوائج ذوي الحاجات ونصرة أرباب الظلامات فاستقام له الأمر وحسنت بتدبيره الأحوال وتحققت بيقظته في أعماله الآمال. وقد كان لنصير الدين هذا المقصود أخبار في العدل والانصاف وبجنب الجور والاعتساف متداولةً بين التجار والمسافرين ومتناقلةً بين الواردين والمصادرين من السفار وقد كان دأبه جمع الأموال من غير جهة عن حرام وحلال لكنه يتناولها بألطف مقال وأحسن فعال وأرفق توصل واحتيال وهذا فن محمود من ولاة الأمور وقصد سديد في سياسة الجمهور وهذه هي الغاية في مرضي السياسة والنهاية في قوانين الرئاسة وفي أواخر هذه السنة فرغ من عمارة المسجد الذي تولى عمارته واختيار بقعته الأمير مجاهد الدين بزان بن مامين مقدم الأكراد بظاهر باب الفراديس من دمشق بعقب الجسر القبلي وكان مكانه أولاً مستقبح المنظر وأجمع الناس على استحسان بقعته واقتراح هيئته بعد أن أنفق عليه المبلغ الوافر من ماله مع جاهه رغبةً في حسن الذكر في الدنيا ووفور الثواب والأجر في الأخرى. إن الله لا يضيع أجر المحسنين

[سنة أربعين وخمسمائة]

في جمادى الأولى منها تناصرت الأنباء من ناحية الأمير عماد الدين أتابك بصرف. الاهتمام إلى التأهب والاستعداد والجمع والاحتشاد لقصد الغزو والجهاد وشاعت عنه الأنباء بأنه ربما قصد الأعمال الدمشقية والنزول عليها ولم تزل أخباره بذلك متصلةً وما هو عليه بالاستكثار من عمل المناجيق وآلة الحرب وما يحتاج إليه لتذليل كل ممتنع صعب إلى أوائل شعبان ووردت الأخبار عنه بأن عزيمته عن ذلك قد انحرفت وأعنة رأيه