للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ودخلت سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة]

وأولها يوم الاثنين أول المحرم والطالع الجدى. وفي أوائله تناصرت الأخبار من ناحية الافرنج خذلهم الله المقيمين في الشام في مضايقتهم لحصن حارم ومواظبتهم على رميه بحجارة المناجيق إلى أن أضعف وملك بالسيف وتزايد طمعهم في شن الغارات في الأعمال الشامية وإطلاق الأيدي في العيث والفساد في معاقلها وضياعها بحكم تفرق العساكر الاسلامية والخلف الواقع بينهم باشتغال الملك العادل بعقابيل المرض العارض له ولله المشيئة التي لا تدافع والأقضية التي لا تمانع

وفي صفر منها ورد الخبر والمبشر بروز الملك العادل نور الدين من حلب المتوجه إلى دمشق واتفق للكفرة الملاعين متواتر الطمع في شن الغارات على أعمال حوران والاقليم واطلاق أيدي الفساد والعيث والاحراق والاخراب في الضياع والنهب والأسر والسبي وقصد داريا والنزول عليها في يوم الثلاثاء انسلاخ صفر من السنة واحراق منازلها وجامعها والتناهي في إخرابها وظهر إليهم من العسكرية والأحداث والعدد الكثير وهموا بقصدهم والاسراع إلى لقائهم وكفهم فمنعوا من ذلك بعد أن قربوا منهم وحين شاهد الكفار خذلهم الله كثرة العدد الظاهرة إليهم رحلوا في آخر النهار المذكور إلى ناحية الاقليم ووصل الملك نور الدين إلى دمشق وحصل في قلعتها غرة يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الأول سالماً في نفسه وجملته ولقي بأحسن زي وترتيب وتجمل واستبشر العالم بمقدمه المسعود وابتهجوا وبالغوا في شكر الله تعالى على سلامته وعافيته والدعاء له بدوام أيامه ونصر أعلامه وشرع في تدبير أمر الأجناد والتأهب للجهاد والله تعالى يمده بالنصر وإدراك كل بغية ومراد