وفيها توفي الشيخ أبو الوحش سبيع بن مسلم الضرير المعروف بابن قيراط المقري المجود بالسبغة رحمه الله في يوم السبت الحادي عشر من شعبان منها ودفن بباب الصغير بين قبور الشهداء رضي الله عنهم وكان ملازماً لجامع دمشق يقرأ إلى أن توفي على حسن طريقه
[سنة تسع وخمسمائة]
في هذه السنة قويت شوكة الافرنج في رفنية وبالغوا في تحصينها وتشحنها بالرجال وشرعوا في الفساد والتناهي في العناد فصرف ظهير الدين همه إلى الكشف عن أحوالهم والبحث عن مقاصدهم في أعمالهم وترقب الفرصة فيهم ومعرفة الغرة منهم وتقدم إلى وجوه العسكر ومقدميه بالتأهب والاستعداد لقصد بعض الجهات لاحراز فضيلة الجهاد والنهوض لأمر من المهمات ثم أسرى إليهم مغذاً حتى أدركهم وهم في مجاثمهم غارون وفي أماكنهم لاهون قارون فلم يشعروا إلا والبلاء قد أحاط بهم من جميع جهاتهم فهجمت الأتراك عليهم البلد فملكوه وحصل كل من كان فيه في قبضة الأسر وربقة الذل والقهر فقتل من قتل وأسر من أسر وغنم المسلمون من سوادهم وكراعهم وأثاثهم ما امتلأت به الأيدي وسرت به النفوس وقويت بمثله القلوب وذلك في يوم الخميس لليلة خلت من جمادى الآخرة من السنة وانكفأ المسلمون إلى دمشق ظافرين مسرورين غانمين لم يفقد منهم بشر ولا عدم شخص ومعهم الأسرى ورؤوس القتلى فأطيف بهم في البلد بحيث تضاعف بمشاهدتهم السرور وانشرحت الصدور وقويت من الجند في الجهاد والغزو الظهور.