للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح السبب في ذلك]

قد مضى ذكر ما كان من الخليفة المفقود في معنى السلطان مسعود بن السلطان محمد بن ملك شاه من تقرير السلطنة له ورد تدبير الأعمال والأمر بالدعاء له على منابر البلاد وتشريفه بالخلع والحملان الكامل. وعقيب هذا الفعل الجميل ظهر لأمير المؤمنين المسترشد بالله أمور أنكرها وبلغته أسباب امتعض منها وبدت منه أفعال أكبرها فرام استعطافه واستعادته إلى الواجب المألوف في طاعة الخلفاء فامتنع وحاول استمالته إلى الصواب المعروف في المناصحة وحسن الوفاء فلم ينفع وبعثه على الحق الذي هو خير من التمادي في الباطل فلم يقبل. فأفضت الحال صرف الهمة العلية المسترشدية إلى مداواة هذا الداء والاستعداد له إلى أن أعضل بالدواء ولم ير فيه أنجع من التأهب لقصده والاحتشاد للإيقاع به وصمده لأن أخباره كانت متناصرةً بعزمه على قصد بغداد والاخراب لها والاعاثة في نواحيها فرأى الصواب في معاجلته ومقابلة فعله بمثله واتفق وصول جماعة من وجوه عسكره ومقدمي جنده لخدمة الخليفة والمعاضدة له على محاربة عدوه وشرعوا في تحريضه على البروز إليه والمسارعة للإطلال عليه فتوجه نحوه في تجمل يعجز عنه الوصف ويقصر دونه النعت وقد اجتمع إليه من أصحاب الأطراف وأصناف الأجناد الخلق الكثير والجم الغفير الذي بمثله قويت نفسه واشتد بأسه ولم يشك أحد في إنه الظافر به والمستولي على حزبه. فلما قرب من مخيمه بناحية همذان ووقع العيان على العيان زحف إليه في عسكره والتقى الجمعان واتفق للقضاء المكتوب والقدر المحجوب إن أمراء الأتراك الواصلين لخدمة