الخليفة في عسكره خامروا عليه بمواطأة كانت وتقريرات تقررت وبانت فانقلبوا عنه وأسلموه وعملوا عليه وأغنموه بحيث تفرقت عنه جماعة وخذله أبطاله وكماته وثبت هو وخواصه في المصاف يقاتلون ولا يولون إلى أن انفل عنه حزبه وضعف أمره وغلب على نفسه فأخذوه ووزيره النقيب وكاتبه سديد الدولة بن الأنباري وصاحب مخزنه وخدمه وخاصته وحملوه مع أصحابه المذكورين إلى خيمه ووكل بجماعة من يحفظهم ويتوثق منهم ويحتاط عليهم
وكتبت المطالعات إلى السلطان سنجر بن ملك شاه صاحب خراسان بصورة الحال والاستئذان بما يعتمد في بابه ووعد السلطان مسعود الخليفة ومن معه بالاطلاق وإعادتهم إلى بغداد وتقرير أمر الخلافة على ما جرى به الرسم قديماً فلما عاد الجواب من السلطان سنجر في هذا الباب وتقرير ما اقتضاه الرأي في أمر الخلافة بين السلطانين المذكورين ندب عدة من الرجال تقدير أربعة عشر رجلاً نسبوا إلى إنهم من الباطنية فقصدوا الخليفة في خيمته وهو مطمئن لا يشعر بما نزل به من البلاء وأحاط به من محتوم القضاء وهجموا عليه فقتلوه في يوم الخميس الثامن عشر من ذي القعدة سنة ٥٢٩ صبراً وقتلوا معه من أصحابه وفراشيه من دافع عنه ومانع دونه. وشاع الخبر بذاك بناحية مراغا على مرحلتين منها ودفن بها واستبشع الناس هذا الفعل الشنيع والقصد الفظيع في حق خليفة الزمان وابن عم رسول الله عليه أفضل الصلاة والرضوان وأكبروا الجرأة على الله والاقدام على هذا المنكر في الاسلام والدم الحرام وأطلقوا الألسنة بالدعاء والذم على من استحسن هذا الفعل القبيح ودبر هذا الخطب الشنيع وتيقن كل إنسان من الخاص والعام إن الله تعالى لا يمهل المقدم عليه ولا يرضى بفعل المجرم إليه لأنه جلت قدرته لا يصلح عمل المفسدين ولا يهدي كيد الخائنين ولا يمهل عقوبة الظالمين